الحرب على غزة ولبنان

تتواصل حرب الإبادة الجماعية والتطهير العرقي التي تشنّها دولة الاحتلال على قطاع غزّة، وتحصل كلّ هذه الجرائم ضدّ الإنسانية بشراكة كاملة مع الدول الغربية، ليس فقط كمحرّضة ومموّلة للمحرقة الفلسطينية، بل هي شراكة كاملة ومباشرة في القتل والتدمير والحصار والتعطيش والتجويع وخطط الترحيل.

كما اندفعت قوات الاحتلال في حربها الأخيرة لتنفيذ خططها القديمة بنقل سكان غزّة قسراً نحو سيناء أو حشرهم في المنطقة الجنوبية من القطاع، كثّفت كذلك أعمال العنف في الضفة الغربية لتطهير المناطق الخاضعة لسيطرتها من سكّانها الأصليين تمهيداً لقضمها.

في خلال التصادم بين مصالح الوطن ومصالح الطبقة، انبثقت ظروف لجيل التحرير الفلسطيني الجديد أعادت صوغ أشكال المواجهة مع السيطرة الاستعمارية، فهل يُمكن النظر إلى ما يحصل في غزّة في سياق هذا التصادم، وليس فقط مع الاحتلال، بل أيضاً مع قوى اجتماعية خضعت للسيطرة الإسرائيلية؟

وضعت هيئة إدارة الكوارث خطّة استباقية لمواجهة أي حرب مقبلة، إلا أنه ينقصها الشرط الأهم وهو التمويل. لكن مزاعم غياب التمويل واهية، فالعملات الأجنبية لدى مصرف لبنان تبلغ 8.8 مليار دولار، لكن هناك من يسلّم بعدم استخدامها حتى في ظل الحرب.

يستبعد المحلّلون تكرار سيناريو حرب العام 1973، عندما قرّرت الدول العربية النفطية حظر تصدير النفط إلى الدول الداعمة لإسرائيل وتسببها بارتفاع أسعار النفط 4 أضعاف، فحالياً، هناك متغيّرات جيوسياسية في خريطة السوق النفطية تحدّ من إمكانية استخدام هذا السلاح، بحيث لم تعد الدول الغربية المشتري الرئيسي للنفط العربي وإنما الدول الآسيوية.

على غرار العديد من «الاقتصادات الناشئة» عانى الاقتصاد الرأسمالي الإسرائيلي من انتكاسات عديدة طوال العقود الماضية، لكن الفارق الكبير مع غيره من الاقتصادات هو أن إسرائيل في حربها الدائمة مع الدول العربية المجاورة كانت تتلقى الدعم من رأس المال الأميركي والغربي.

3 لترات من المياه، فقط لا غير، هو أقصى ما يمكن أن يحصل عليه الفلسطيني في غزّة حالياً، لجميع الاستخدامات (الشرب، الطبخ، النظافة…) وهذه الحصّة الضئيلة جدّاً تتناقص ساعة بعد ساعة في ظل الحصار المطبق واستهداف مرافق المياه لتعطيش السكان، بهدف قتلهم أو دفعهم للرحيل من القطاع.

استخدم الجيش الإسرائيلي الأراضي الفلسطينية المحتلة كمنطقة لتطوير الأسلحة لعقود من الزمن، حيث قام باختبار الكثير من الأسلحة التي تحتوي على اليورانيوم المنضب والغازات السامة. فما هي أسلحة الدايم؟ وماذا عن بقية الأسلحة المحرمة دولياً التي تستخدمها إسرائيل؟

لم تخف إسرائيل هدف تهجير السكان من غزّة إلى سيناء منذ بداية عدوانها على القطاع، وهو هدف مدعوم أميركياً، إلا أن تحقيقه متوقّف على القرار المصري الذي بدا رافضاً لمناقشة الأمر من حيث المبدأ. لكن للشأن الاقتصادي وزن حاسم في القرار السياسي المصري.

تسارع الولايات المتّحدة بإرسال الذخائر وحاملات الطائرات والمقاتلات إلى إسرائيل، لكي تتمكّن من شنِّ حرب إبادةٍ جماعيةٍ على مليوني فلسطيني محاصرين في غزة، وهذا ما يجعلها متورطة في اقتراف جرائم الإبادة الجماعية.

على مدار 77 عاماً منذ انتهاء الحرب العالمية الثانية وحتى العام 2022، قدّمت الولايات المتحدة الأميركية دعماً مالياً مباشراً ومستمراً لدولة الاحتلال الإسرائيلي، بلغ مجموعه التراكمي نحو 260 مليار دولار، ما يجعل الولايات المتّحدة شريكة ومسؤولة مباشرة عن كلّ الجرائم التي ترتكبها إسرائيل منذ ثمانية عقود بحق الشعب الفلسطيني.